فأمر الشياطين قائلا ” عليكم بذي الكفل ، أوقعوه في الزلل
ﻓﻬﻮ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻳﻨﺎﻡ ﺍﻟﻠﻴﻞ ﺗﻌﺒﺪﺍً ﻟﻠﻪ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ، ﻭﻛﺎﻥ ﻳﻘﻀﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺣﺘﻰ ﺍﻟﻈﻬﺮ، ﺛﻢ ﻳﺄﺗﻲ ﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ ﻟﻴﺄﺧﺬ ﻗﻴﻠﻮﻟﺔ ﻓﻲ ﻣﻨﺰﻟﺔ، ﺛﻢ ﻳﻌﻮﺩ ﻟﻴﻘﻀﻲ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺇﻟﻲ ﺍﻟﻠﻴﻞ، ﻭﻫﻜﺬﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﺣﻴﺎﺗﻪ
فاراد ابليس ﺍﻥ ﻳﺜﻴﺮ ﻏﻀﺐ ﺫﻱ ﺍﻟﻜﻔﻞ ﻭﺑﺬﻟﻚ ﻳﻜﻮﻥ ﻗﺪ ﺃﻭﻗﻌﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺨﻄﺄ، ﻃﺮﻕ ﺑﺎﺑﻪ ﺳﺎﻋﺔ ﻗﻴﻠﻮﻟﺘﻪ ..
ﻓﻔﺘﺢ ﺫﻭ ﺍﻟﻜﻔﻞ ﺍﻟﺒﺎﺏ ﻭﺳﺄﻝ : ﻣﻦ ﺃﻧﺖ، ﻓﻘﺎﻝ ﺇﺑﻠﻴﺲ : ﺃﻧﺎ ﻋﺠﻮﺯ ﻛﺒﻴﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻦ، ﻭﺃﺗﻴﺘﻚ ﻓﻲ ﺣﺎﺟﺔ، ﻓﻔﺘﺢ ﺫﻭ ﺍﻟﻜﻔﻞ ﺍﻟﺒﺎﺏ ﻭﺑﺪﺃ ﻳﺴﺘﻤﻊ ﺇﻟﻲ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻭﻫﻮ ﻳﺤﺪﺛﻪ ﻋﻦ ﺧﺼﻮﻣﺔ ﺑﻴﻨﻪ ﻭﺑﻴﻦ ﻗﻮﻣﻪ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻇﻠﻤﻮﻩ..
ﻭﺃﺧﺬ ﻳﻤﺎﻃﻞ ﻛﺜﻴﺮﺍ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ، ﺣﺘﻰ ﺣﺎﻥ ﻣﻮﻋﺪ ﻣﺠﻠﺲ ﺫﻭ ﺍﻟﻜﻔﻞ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ، ﻭﻓﺎﺕ ﻭﻗﺖ ﻗﻴﻠﻮﻟﺘﻪ ﻭﺭﺍﺣﺘﻪ ﻭﻟﻢ ﻳﻨﻢ، ﻓﻘﺎﻝ ﺫﻭ ﺍﻟﻜﻔﻞ : “ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺃﺫﻫﺐ ﻟﻤﺠﻠﺲ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ، ﻓﺄﺗﻨﻲ ﻭﺃﻧﺎ ﺁﺧﺬ ﻟﻚ ﺣﻘﻚ .”
ﺧﺮﺝ ﺫﻭ ﺍﻟﻜﻔﻞ ﻟﻤﺠﻠﺴﻪ ﻭﻟﻜﻦ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻟﻢ ﻳﺤﻀﺮ ﺍﻟﻤﺠﻠﺲ، ﻭﻋﻘﺪ ﺍﻟﻤﺠﻠﺲ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ ﻓﻲ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺍﻟﺘﺎﻟﻲ ﻭﻟﻢ ﻳﺤﻀﺮ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺍﻳﻀﺎً، ﻭﻋﻨﺪﻣﺎ ﻋﺎﺩ ﺫﻭ ﺍﻟﻜﻔﻞ ﺇﻟﻲ ﻣﻨﺰﻟﻪ ﻟﻴﺄﺧﺬ ﺍﻟﻘﻴﻠﻮﻟﻪ ﺟﺎﺀ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻣﺮﺓ ﺃﺧﺮﻯ، ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻪ ﺫﻭ ﺍﻟﻜﻔﻞ : ﺃﻟﻢ ﺃﻗﻞ ﻟﻚ ﺃﻥ ﺗﺄﺗﻨﻲ ﻓﻲ ﻣﺠﻠﺲ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ؟ ﻓﻘﺎﻝ ﺇﺑﻠﻴﺲ : ﺇﻧﻬﻢ ﻗﻮﻡ ﺧﺒﺜﺎﺀ ﻭﺇﻥ ﻋﺮﻓﻮﺍ ﺃﻧﻚ ﺟﺎﻟﺲ ﻓﻲ ﻣﺠﻠﺴﻚ ﻳﻘﻮﻟﻮﻥ ﻟﻲ ﻧﺤﻦ ﻧﻌﻄﻴﻚ ﺣﻘﻚ، ﻭﺑﻤﺠﺮﺩ ﺃﻥ ﺗﻘﻮﻡ ﻣﻦ ﻣﺠﻠﺴﻚ ﺟﺤﺪﻭﺍ ﺣﻘﻲ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ، ﻓﻘﺎﻝ ﺫﻭ ﺍﻟﻜﻔﻞ ” ﻓﺎﻧﻄﻠﻖ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺴﺎﻋﺔ ﻓﺈﺫﺍ ﺫﻫﺒﺖ ﻣﺠﻠﺲ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﻓﺄﺗﻨﻲ ”
ﻭﻣﺮﺓ ﺃﺧﺮﻱ ﻓﺎﺗﺖ ﻗﻴﻠﻮﻟﺔ ﺫﻭ ﺍﻟﻜﻔﻞ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻭﺫﻫﺐ ﺇﻟﻲ ﺍﻟﻤﺠﻠﺲ ﻭﻟﻢ ﻳﺄﺗﻲ ﺍﻟﺸﻴﺦ، ﻭﺷﻖ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﻨﻌﺎﺱ، ﻓﻘﺎﻝ ﻟﺒﻌﺾ ﺃﻫﻠﻪ ” ﻻ ﺗﺪﻋﻦَّ ﺃﺣﺪﺍً ﻳﻘﺮﺏ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺒﺎﺏ ﺣﺘﻰ ﺃﻧﺎﻡ، ﻓﺈﻧﻲ ﻗﺪ ﺷﻖ ﻋﻠﻲّ ﺍﻟﻨﻌﺎﺱ ” ، ﻭﺃﺧﺬ ﺫﻭ ﺍﻟﻜﻔﻞ ﻣﻀﺠﻌﺔ ﻟﻴﻨﺎﻡ، ﻓﺄﺗﻲ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻓﻤﻨﻌﻪ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﺧﻮﻝ، ﻓﻘﺎﻝ ﺇﺑﻠﻴﺲ ” ﻟﻘﺪ ﺃﺗﻴﺖ ﺃﻣﺲ ﻭﺫﻛﺮﺕ ﻟﻪ ﺃﻣﺮﻱ ﻭﺇﻧﻲ ﺃﺭﻳﺪﻩ ﺍﻵﻥ “ ، ﻓﻘﺎﻟﻮﺍ ﻟﻪ : ﻟﻘﺪ ﺃﻣﺮﻧﺎ ﺃﻻ ﻧﺪﻉ ﺃﺣﺪ ﻳﻘﺮﺑﻪ، ﻓﻠﻤﺎ ﺯﺍﺩ ﻋﻨﺎﺩ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻭﺗﺼﻤﻴﻤﺔ ﻋﻠﻲ ﺃﻻ ﻳﺪﻋﻪ ﻳﺪﺧﻞ، ﻧﻈﺮ ﻓﻮﺟﺪ ﺛﻘﺐ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻨﺰﻝ ﻓﺪﺧﻞ ﻣﻨﻪ، ﻭﺩﻕ ﺍﻟﺒﺎﺏ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﺍﺧﻞ فاستيقض سيدنا ذو الكفل...
عندما عليه السلام على صوت الطرق، فوجئ بأن الرجل العجوز (إبليس في هيئة بشر) قد دخل إلى المنزل رغم أنه كان محكم الإغلاق، فتعجب وقال له: كيف دخلت؟
فأجابه العجوز: لقد دخلت من هذا الثقب الصغير في الجدار.
عندها أدرك ذو الكفل أن هذا الرجل ليس بشريًا عاديًا، فقال له: من أنت؟
فقال العجوز: أنا إبليس، جئت لأختبرك وأجعلك تغضب وتقع في الزلل، ولكنك صبرت وتحملت ولم تستسلم للغضب، فغلبتني!
وهكذا، ثبت ذو الكفل أمام محاولات الشيطان، وكان من الصالحين الذين لم يستطع إبليس إيقاعهم في الخطأ، فاستحق المدح في القرآن الكريم حيث قال الله تعالى:
"وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِّنَ الصَّابِرِينَ" (الأنبياء: 85).
القصة تُظهر عظمة صبر ذو الكفل وإخلاصه لله، حيث كان قاضيًا عادلًا وعبدًا صالحًا لم يستسلم للغضب أو الإحباط رغم محاولات الشيطان المتكرر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق